كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

الحب والسعادة مع رفيق الروح

الحب والسعادة مع رفيق الروح

خرجت اليوم زوجتي صباحاً .. استيقظت قبلي كعادتها .. حضرت طعام الفطور .. وغادرت المنزل .. دون إخباري .. تركت لي ملاحظة ورقية تقول " صحة وهنا .. لم أشأ إيقاظك .. لدي أمر ضروري سأقضيه .. لا تنتظرني على الغداء " 

 

منذ عشر سنوات .. هذه المرة الأولى التي تغادر فيها فاطمة دون إخباري .. بشكل أدق المرة الأولى التي تقول فيها أن لديها أمر ضروري لتقضيه .. هي نادراً ما تغادر البيت .. ماذا تحتاج أن تقضي .. وأنا أقوم بتأمين كل احتياجاتها دون أن تذكرها حتى .. 

 

أمسكت حبة زيتون ووضعتها في فمي .. أكلتها مجبراً .. يبدو الزيتون مراً .. يبدو أنني فقدت شهيتي .. اه منك يا فاطمة .. لا بالتأكيد لست السبب .. أنا فقط أشعر بتوعك منذ البارحة .. 

 

ذهبت لارتداء ملابسي .. انتظرت أن تكون فاطمة قد نست تجهيزها .. لكن كالعادة .. القميص نظيف .. ومعطر .. البنطال مكوي على الكسرة .. ربطة العنق منسقة لتلائم القميص .. خطرَ لي أن أفتح خزانة فاطمة .. فستانها الوردي مفقود .. بالطبع لاحظت فقدانه وهو الفستان الذي أهديته لها في عيد مولدها منذ خمسة أعوام .. أيام ما كنتُ أستذكر فيها عيد مولد فاطمة ..

 

شعرت بغيظ لا يوصف .. أمسكت هاتفي وطلبت رقمها .. الحكومة .. نعم هذا اسمها .. اتفقت ورفاقي أن نسمي زوجاتنا بهذا الاسم على سبيل السخرية .. لا فائدة .. أغلقت هاتفها !!

 

ارتديت ملابسي .. لكن لم أستطع وضع ربطة العنق بشكل جيد .. نصف ساعة كاملة وأنا أحاول أن أثبت لنفسي أنني أستطيع ربطها كما تفعل فاطمة .. تجاوزت الساعة الثامنة .. لقد تأخرت .. رميت ربطة العنق ثم خرجت مسرعاً .. 

 

وصلت إلى العمل متأخراً .. وبعد ساعتين من أسئلة زملائي المتواصلة عن سبب غضبي وانفعالي الظاهرين .. طلبت إذناً وخرجت .. ذهبت لمنزل عائلتي علّي أجدها .. لكنها لم تكن هناك مع الأسف .. أين ذهبت غير ذلك .. فاطمة يتيمة الأب والأم ولا إخوة وأصدقاء لها .. حسناً كان لها صديقة .. لكن كرهي لها جعل علاقتهما تسوء حتى انقطعت منذ أعوام ..

 

أصرت والدتي على أن أتناول من البامية التي طهتها .. على مضض تناولت البعض .. وللمرة الأولى شعرت أن البامية التي تعدها فاطمة أشهى .. كيف ذلك .. لقد اعتدت على الدوام إخبارها أن طبخ أمي أفضل من طبخها بمراحل ..

 

مرت الساعات ببطء .. عدت لمنزلي وانتظرت فاطمة على الأريكة .. حتى عادت .. في السابعة مساءً .. آلاف الكلمات والأسئلة .. سيل من التوبيخ والغضب .. كلها كانت في انتظار عودتها .. وكلّها على نحو سخيفٍ اختفت حين دخلت من باب الشقة .. صمتت فجأة .. شعرتُ بالشوق والخوف .. 

 

لم أعرف أبداً أين غادرت زوجتي ذلك اليوم .. لكن ما عرفته أنني غادرتُ معها دون أن أدري .. فاطمة الصامتة الحنونة الهادئة .. التي لطالما وجدتها ضعيفة التأثير .. اتضح لي بعشر ساعات فقط مدى قوتها .. 

 

لم يتغير الكثير بعد ذلك اليوم .. بقيت حياتنا كما هي .. وبقيت فاطمة على حالها .. وأنا على حالي .. عدا بعض التفاصيل .. على سبيل المثال .. حين تتصل فاطمة .. يظهر اسمها على هاتفي " عالمي " .. ❤

 

خلال حياتي .. خشيت الكثير من الأشياء .. الفقر والدين والعجز والمرض .. فقدان عملي .. وخسارة سيارتي .. 

 

" لكن يبدو أن الشيء الوحيد الذي كان يتوجب على خشيته .. هو من لا أخشاه .. هو من اعتدتهُ حتى نسيته .. ! "

اذا اتممت القراءة لا تبخل بوضع اعجاب والتعليق بالصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

للكاتبة الكبيرة رؤى الماوردي 🕊📩

106
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس