كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

أنت مثل الكلمة لابد أن يكون لوجودك معنى

أنت مثل الكلمة لابد أن يكون لوجودك معنى

بقلم/هشام الجوهرى 

الناس كالكلمات لها معنى

للكلمات معان وإلا فلا قيمة لها.وكذا البشر لا حياة لها بلا معان وقيم ومبادىء .

 فهل أنت كلمة؟ وإن كنت كذلك، فماذا تعني؟ 

 البعض منا مشغول بالمعنى المادى فقط لا يعنيه غيره

الكثير من الناس يرون أنفسهم ويراهم مَن هم على شاكلتهم في الفكر والاعتقاد أجسادًا، ومهمتهم في الحياة خدمة تلك الأجساد، بل ويَشقَون لخدمتها، ويتجرّعون المرَّ من أجل تحقيق هذه الغاية.

تمامًا كمن يهتم كثيرًا بمظهره، مهملاً الجوهر، فهو بناء وهيكل من أجمل وأروع ما يُمكن، وهيئة تسرُّ الناظرين، فهؤلاء لا يشغلهم سوى بذل الجهد، كل الجهد من أجل راحة هذا البدن، فهذا بدن لا بد - في اعتقادهم - أن تتوفر له كافة وسائل الراحة والدعة والرفاهية صيفًا وشتاءً، فلا يحس ببرْد الشتاء، ولا يشعر بحرِّ الصيف، وهو إذًا لا يميز بين الحالتين؛ لذا فقد لا يهتم كثيرًا ولا يشغل باله بمن يعانون صيفًا أو شتاءً، فهو كل حياته مكيفة، وهذا النموذج منتشر في غالب المجتمعات البشرية، والتي يغلب عليها الطابع المادي، أفراحهم مادة وأحزانهم مادة، إسرافهم في الحالتين هو شرعتهم ومنهاجهم.

المظاهر الاجتماعية هي الأساس عندهم، والماديات هي أهم غاياتهم في الحياة، لا يُعوِّلون أصلاً على مبدأ أو خُلق، ولا يمكن لنا أن نتجاهل وجودهم أو نُنكره، لكن على العكس تمامًا هم كثرة لا تُنكر، نُقرُّ بوجودهم وفلسفتهم الصارخة السافرة والمُدوية، وزينتهم المادية تبدو لنا عيانًا، وتبهرنا شكلاً، ولكنها في جوهرها فارغة لا تُقنعنا، فهي لا تحمل بين طيَّاتها مثقال ذرة من إقناع، رغم قوة وجودها بيننا، فلو جاز لنا أن نقول: إن هذا النموذج "كلمة"، فهي كلمة جافة قاحلة، حتى وإن كانت مكيفة! وإن كان لها معنًى، فهو من أردأ المعاني، وحياتهم جملة من الركاكة في اللغة والهشاشة في المعنى.

تمامًا ككلمة خبيثة اجتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قرار، والسؤال الذي لا يجيب عنه غيرك هو: هل أنت من هؤلاء؟

فى الحياة بشر بلا معنى

وهنالك صِنف آخر من البشر يعيشون ويموتون لا يتركون في حياتنا أثرًا ولا معنًى، حتى وإن كان باهتًا، أولئك هم الخاسرون حقًّا يعيشون بلا معنًى ويموتون بلا معنى، لم يضيفوا لحياتنا معنى، أكلوا في الدنيا وشربوا، وتمتعوا كما تتمتَّع بقية الكائنات، ليس لهم في البشرية ولا الإنسانية معنى!

لا يذكرهم بعد موتهم أحد، فبِمَ يُذكرون؟ وكيف؟ كارثة لو كنت منهم!

بشر طيبون يحيون بيننا بأجمل المعانى

لكنَّ في البشر أناسًا هم في الواقع أجمل معانٍ لأجمل وأروع الكلمات، ولن أبالغ إن قلت: إنهم أصل تلك الكلمات؛ منهم من تجد فيه معنى الجمال، ومنهم من يكون الجمال نفسه، وفي كلٍّ خير. ومنهم من تجد فيه معنى الأصالة، ومنهم من تجد فيه الأصالة ذاتها، وتجد بالفعل المقرَّبين له يصفونه بذات الشيء، ويفيض المعنى على الآخرين كالكريم الذي يبالغ في وصفه بالكرم، فيقال: فلان أصل الكرم، والمعنى كالإشعاع يصدر منه؛ لينتفع به الآخرون، فما بالك إذا كان هذا حاله بالفعل، وليس مبالغًا فيه؟!

 

 وفي هذا النوع من البشر مثال صارخ في الحب، فيجد مَن يحبك معنًى وقيمة ووجودًا، فتجده يخبرك بأنه يحب أن يراك وفقط! يسمع صوتك فحسب! يطمئن أنك بخير، وذلك يجعله يعانق السماء بسعادته، ويناطح السحاب ببهجته وسروره.

تلك هي متعة الحياة بالنسبة له، يحب، ويحب، ويحب، فإذا تأمَّلت حبه وجَدته غير حبِّ كل المحبين في الدنيا، فهذا يحب مالك، وآخر يحب وجاهتك، وثالث يحب فيك جسدًا وعيونًا جميلة، ووجهًا حسنًا، وقوامًا بديعًا ممشوقًا، أما صاحبنا، فحبه غريب حسن، أو حسن غريب، يحب معناك وقيمتك، ويعشق كونك موجودًا في الحياة، يحزنه كثيرًا غيابك عن عينيه، وإن كنت في وِجدانه وكِيانه دومًا، موجودًا مقيمًا لا ترحل، ألا ما أروع هذا المعنى، وما أسماه، وما أقدسه!

من المؤكد أنك توَدُّ أن تكون منهم، فكن إن استطعتْ.

 

 

 

112
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس