كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

أحسن القَصَص_ قمصان ورؤى

أحسن القَصَص_ قمصان ورؤى

أحسن القصص _ قُمصان ورؤى.

 

ثلاثة قمصان، وأربع رؤى، جعلت عنصر التشويق حاضرا وبقوة في سورة يوسف، وساهمت بفاعلية في تصاعد الأحداث وتطورها، وجعلت قارئ السورة ومتتبع القصة في حالتي ترقّب وشغف دائمتين لما ستؤول إليه الأحداث لا تنتهيان إلا بانتهاء القصة. ما جعل قصة يوسف الصديق "أحسن القصص" كما أخبر عنها الله تعالى في كتابه الكريم.

 

         في السورة ثلاثة قمصان، كلهم ليوسف، وكل منهم كان في مرحلة عمرية واجتماعية مختلفة له، ولعب كل قميص منهم دورا فاعلا في تطور أحداث القصة من البداية للنهاية.. 

 

_القميص الأول: قميص يوسف صغيرا

قميص يوسف في كنف أبيه في البادية، قميصه وهو ذاهب ليرتع ويلعب، قميص مصبوغ بدم كذب، الدليل الكاذب في اتهام الذئب، قميص التيقن بفقدان يوسف، قميص بعده صبر جميل وحزن شديد. 

 

_القميص الثاني: قميص يوسف بعدما بلغ أشُدَّه

 قميص يوسف في بيت العزيز، قميص مقدود من دبر، ودليل البراءة من اتهام المراودة.

 

_والقميص الأخير: قميص يوسف عزيز مصر

 قميص يعبق بريح يوسف، قميص رد بصر يعقوب، قميص البشارة بلقاء الغائب.

. . 

ومن لطائف السورة أن القميص الأول ليوسف قميص خلعه عنه إخوته، والقميص الثاني قميص قدّته امرأة العزيز، والقميصان مثَّلا مرحلتين قد ظُلم فيهما يوسف، وانتقل فيهما من الرخاء إلى الشدة.

     فبعد خلع القميص الأول أُلقِي يوسف في البئر، وبعد قدّ القميص الثاني أُدخل السجن. ولكن يأتي القميص الثالث وتأتي معه النهاية السعيدة للقصة، فهو قميص يوسف بعدما صار عزيز مصر، قميص رَدِّ بصر يعقوب، والتقاء يوسف بأبويه وإخوته وسجودهم له وتحقق الرؤيا.

 

وبالنظر إلى توزيع القمصان الثلاثة في القصة، نجد أنهم قد سيطروا على القصة كاملة، ففي بداية القصة قميص وعليه دم كذب، وفي نهاية القصة قميص به ريح يوسف، وأما منتصف القصة فقد كان بطلها قميص يوسف المقدود وما لعبه من دور في إثبات تهمة المراودة على امرأة العزيز، وما أدى إليه هذا من تصاعد الأحداث وسجن يوسف بعد ذلك..

 

        وكما أدت قمصان يوسف الثلاثة دورها في تصاعد الأحداث وتسلسلها، نجد أن الرؤى الأربع قد لعبت أيضا دورا مميزا ومحوريا في القصة، وساهمت -بشكل مباشر- في تطور الأحداث وإضافة بعض الغموض الذي رفع معدلات التشويق في القصة بداية من الرؤيا الأولى وحتى تحققها في نهاية القصة. 

 

_تبدأ القصة برؤيا يراها الغلام "يوسف"

 يفسرها له أبوه، ويعلم من خلالها سيدنا يعقوب أن الله مُتمُّ نعمته على يوسف بالنبوّة "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق".

فبعد هذه الرؤيا تيقّن يعقوب عليه السلام أن يوسف هو امتداد نسل الأنبياء في العائلة، من بعد إبراهيم وإسحق ويعقوب.

 

     ولعل هذا هو الذي جعل يعقوب مُتَيقنًا أن الذئب لم يأكل يوسف، فبعد أن جاء الإخوة عشاءً يبكون، وقالوا: أكله الذئب، كان أول ما نطقه يعقوب هو تكذيب هذه الرواية؛ "بل سولت لكم أنفسكم أمرا"، فيعقوب على يقين تام أن يوسف لن يموت قبل أن يصبح نبيا. 

 

     طمأنت الرؤيا يعقوب رغم قلقه على يوسف، فرغم أنه حزن لفراقه إلا أنه كان على يقين تام أن يوسف على قيد الحياة.

 

_ثم يأتي دور رؤييي الفتيين في السجن

فتفسير هاتين الرؤيين كان له دور بارز في تغيير مسار الأحداث في القصة، فبعد أن فسرهما يوسف، وبعد أن تطابق التفسير مع الواقع، تيقن ساقي الملك أن يوسف عليم بتفسير الرؤى، ولذلك عندما رأى الملك رؤياه دله الساقي على يوسف، وكان لذلك أثر في خروج يوسف من السجن.

 

_ويأتي دور رؤيا الملك

 "وهي آخر الرؤى في القصة"، وهي سبب معرفة الملك بيوسف، وبعد أن يفسرها يوسف، يخرج من السجن، يخرج عزيزا بعد أن يحقق الملك في قضية "النسوة اللاتي قطّعن أيديهن"، ويصبح يوسف عزيز مصر، ثم يأتيه أخوته، ويعود بصر يعقوب، ويأتي يعقوب بأبنائه ليعيشوا في كنف يوسف في مصر. هذا بجانب إنقاذ مصر وما حولها من المجاعة.

 

    ومن لطائف قصة يوسف أنها فيها أربع رؤي؛ تبدأ برؤيا يراها يوسف في أول السورة، ثم رؤيييّ الفتيين وتقعان، ثم رؤيا الملك وتقع. وتنتهي القصة بتحقق الرؤيا الأولى، فكأن وقوع الرؤي وتحققها على مدار السورة جعل عنصر التشويق حاضرا وبقوة حتى النهاية، فنحن ننتظر أن تتحق الرؤيا الأولى، وبالفعل تنتهي قصة يوسف في السورة بتحقق الرؤيا القديمة ويسجد له أبواه وأخوته.

وبهذا يتضح كيف أن القمصان والرؤي كانت عناصر هامة أدت أدوارها بكفاءة، وساهمت بسلاسة في تطور الأحداث.

(اللوحة للفنّان الإيراني محمود فارشجيان) 

11.6K
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس