كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

جدّي العظيم مخترع الطَّعميّة

جدّي العظيم مخترع الطَّعميّة

لو كان الأمر بيدي لمنحت مخترع الطعمية جائزة نوبل للسلام لما منحه للبشرية من سعادة في صورة أقراص. أيها الجد العظيم الذي لا أعرفه كيف جاءتك الفكرة! وأي خيال مبدع جعلك تفرم الفول المبلول مع الخضروات؟ ومن أوحى لك بتشكّيل هذه العجينة على هيئة أقراص وهمس في أذنك بقليها في الزيت؟! أتذكّرك أيها الجدّ العظيم في الصباحات الباردة، حينما تنبعث رائحة أقراصك الشهية من الطاسات فتسري في القلب رعشة دافئة.

 

       أشكرك يا جدّي العظيم 

 باسم جموع المصريين الفقراء الذين منحتهم جرعات من السعادة في صورة أقراص ساخنة مزيّنة بحبات السمسم أو الكسبرة. ارقد في سلام واطمئن، فاختراعك العظيم تجاوز بيوت الفقراء وأصبح يُقدّم على موائد الإفطار في أرقى الفنادق، وخرج من نطاق المحليّة وملأ الطاسات في سوريا ولبنان والأردن والخليج وغيرها من مدن العالم. اختراعك العظيم يقف شامخا مرفوع الرأس بجوار المحشي والكشري والملوخية كواحد من أعظم الأكلات المصرية بل من أعظم الأكلات على الإطلاق.

 

  أبادر بالاعتذار إليك يا جدّي

نيابة عن كل الجهلاء من سُكّان إيچيبت  إنهم يسمّون اختراعك العظيم "جرين برجر" ظنًا منهم أن هذا سيجعلهم أرقى! سامحهم يا جدّي فهم لا يدركون أصالة الطعمية، ولم يتوصّلوا بعد إلى حقيقة أن الأكلات الشعبية جزء من عظمتها أسماؤها الشعبية والطريقة التي تُقدّم بها، فلا يجوز أن نصنع الحواوشي في الخبز الفرنساوي كما لا يجوز أن نسمي الكشري اسما آخر غير الكشري، ولا يجوز أن نأكل أكل المسمط في الفود كورت.

 

      اغفر لهم جهلهم يا جدّي

ستظل الطعميّة طعميّة إلى قيام الساعة، أمّا الجرين برجر والجولدن بيري والبيبي هير فإلى زوال، وستظلّ الطعمية والكنافة والحرنكش والحواوشي أسماءً يُسَلِّمُها جيل إلى جيل من المصريين الأصليين، ولا عزاء للأجيال المُغَيَّبة من أهل إيچيبت. 

 

(كتبت هذا في المطعم، على صوت الموقد، ورائحة الطعمية تداعب أنفي وخيالي، ماسكا القرطاس في يدي، في أثناء انتظاري خروج أقراص السعادة الساخنة من رحم طاسة عم حسن العظيمة)

22.9K
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس