كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

قصة قصيرة بعنوان: العودة من ماء الحياة

قصة قصيرة بعنوان: العودة من ماء الحياة

 

                  العودة من ماء الحياة           

                 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ،،، 

 

في البدء كانت الكلمة ... انتشروا فتطايرت الأرواح بجناح الحياة. 

 

خرجت الأرواح من قبو مظلم كظلمة القبور تبحث عن النجاة تملئ بقاع الأرض تسكنها الحياة لا أنيس والا اتحاد ولا عمل لتلك النفوس الثائرة فوق الأديم، لكنها كانت تعلم هويتها ورحلتها ونهايتها في سرداب العيش المكتوب علي ظلمة القبو التي خرجت منه منذ لحظات ولكنها كانت تجهل الطريق إلي تلك النهاية المحتومة ومع شعاع النور البارق مع أول فجر لها كان الطريق. 

أمتد الجسر في أعين الارواح بين القبو وبوابة النجاة إلي ما لا نهاية فمنهم من اعتلا الجسر ومنهم من تاه في معترك التنافس في صراع البحث والتنقيب بين روافد شعاع النور رحلت كل الأرواح واستقل الجسر قليلاً من تلك الأنفس تتكالب فيما بيها لنقسم ما بين صارع ومصارع للوصول إلي سقف النهاية. 

انطلقت بعض الارواح على جسر الحياة تصارع بعضها بعض قد حدد موعد لبعض تلك الارواح المتشابهة في الخلقة ولكنها مختلفة في الغاية والوسيلة لبلوغ الهدف المنشود فكان غروب شمس ذلك اليوم هو إدان بفنائها إن لم تدلف إلي بواب النهاية قبل الغروب ولكن كانت تشغلهم الصراعات الناشبة بينهم وبين الأرواح التي لم يحدد لهم موعد للوصول فكانت غايتهم صراع تلك الارواح على جسر الوصول دون الالتفات إلي منشودهم الأسمى وهو الوصول قبل الغرب تحاول عرقلتهم والقضاء عليهم ونهش اجسادهم ولكن تلك الارواح كانت تعرف غايتهم المنشودة وطريقهم فوق الجسر تتفادي الضربة تلو الضربة تهرب يمنة ويسار وكلما سقطت روح من تلك الارواح الشرير تنفسوا اصحاب الغايات الصعداء وسكنت في مسيرتها وغايتها المنشودة إلي بوابة الحياة. 

ظل الوضع  بين المد والجذر في معترك الطريق حتي دنت الشمس من الغروب ففاقت تلك الارواح الشرير لغايتها الاسمي تنتفض لتصارع الركض على ذلك الجسر الممدود وتحاول جاهدة أن تسبق لتصل قبل غروب شمس ذلك اليوم تاركة الصراع المحتدم قبل قليل ولكن هيهات لها فقد انشغلت بصراع بعضها بعضاً وتدحرجت ساقطة على جسر الوصول لتذوب من اخر شعاع ضوء لشمس اليوم المنشود ولم ينجوا منها إلا القليل مع تلك الارواح التي لم يحدد لها غروب أو شروق ليصل إلي بوابة الحياة عدد قليل يكاد أن يعد على اصابع اليد الواحدة من بين تلك الارواح التي خرجت من القبو المظلم في بداية الانتشار على أديم الأرض وبأمر الكلمة انتشروا. 
 
دلفت الارواح المتبقية والتي وصلت إلي بوابة النجاة فشعرت تلك الارواح بسكينة ونعيم وكأنها لم تتصارع ولم تركض حتي ساعة من نهار ولكن ماذا بعد؟ 
 
رجعت قليلاً أدراجي إلي الوراء بضع خطوات قلائل داخل تلك البوابة شاهقة الارتفاع عريضة المصارع وخاطبت تلك الارواح قائلاً أنتم الباقون من البشر فحافظوا على أنفسكم ونظرت اسفل مني بين الجسر وتلك البوابة وقد قذف في روعي إلا عودة إلي تلك الجسر مرة أخري فرأيت فراغاً ضيق بين الجسر وتلك البوابة الشاهقة بوابة الحياة فنظرت فرأيت نور في الأسفل يصدر من تلك الفتحة الضيقة بعرض البوابة بينها وبين الجسر فخال إليه أن أنزل إلي ذالك النور واتبعتني تلك الأرواح تنزل تباعاً من تلك الفوهة الضيقة فكيف كان نزولي؟. 
 
طرحت على لوح لغلاف كتاب باللون البرتقالي المشبع بقليل من الحمرة فيجعله يميل إلي اللون البني في وسطه وفاتح في اطرافه ولكنه كان كلوح زجاج مسقول تتدلي عليه قطرات ماء في خطوط منتظمة كأنها تجمعت من رزاز المطر المنسكب على نافذة زجاجية في الشتاء وما هي إلا لحظات وأنا ملتصق بذلك اللوح البديع والماء الذي يسيل في خطوط متعرجة لكنها ثابته وليس به موضع لأتمسك به ولكنني ثابت فوقه قد تسطح في وضع أفقي لتلامس قدماي الأرض ووجدت نفسي قد تم غسلي من اخمص قدمي حتي منبت رأسي بماء أشبه بالزلال وكانه مصفي،  فلتفت لأجد بوابة أخري تصلني إلي سوق وتلك الانفس من ورائي أيضاً ولكن عندما دخلنا انتشرت تلك الأرواح مرة أخري قد أخذ كل منهم موضعه وكأنه يعرفه قبل ذلك واخذ أنا مساري متجولاً فنظرت أعلى مني على تبه بجوار الباب الذي دلفنا منه منذ قليل إلي احد الاشخاص والذي دخل معنا فالقي إلي صاحبي بقطعة حلو اظنها شكولاتة وألقي إليه أيضاً بقطعة اخري مغلفة ولكن عندما فتحتها لم اجدها تشابه القطعة الأخرى فتذوقتا فيالا جمال طعمها شيء لم اتذوق مثله في الحياة وغاب عني صاحبي الذي سار معي في طريق ذلك السوق البدائي إلي جهة غير معلومة ولكنه خيل لي أن احدهم قد وصف لي ذلك السوق قبل ذلك وفكر ماذا عساه قد شرح لي؟  فكانت المفاجئة!! 
 

لقد وصفت لي كل ذلك حتي أقوالي التي سوف أقولها وأفعالي التي سوف أفعلها في ذلك السوق نعم تذكرت كل ذلك لقد تحدثت إليه في ذلك قبل الخروج من القبو وكأنه حلم يمر بي في الزمان والمكان، فدلف إلي أحدي الحوانيت لأشتري علاقة من خوص النخيل وسعفه فقال لي صاحب الحانوت إنها بأربعة عشر جنيها ولكن لم تعجبني صنعتها ولم يكن معي اموال ايضاً في ذلك المكان والزمان فأثرت الصمت والخروج من تلك الحانوت وجلس صاحب الحانوت في موضعه وهو يتمتم بكلمات لا افهمها ولم اعتني ماذا قال وواصلت السير إلي حانوت اخر في نهاية السوق. 

نعم لقد تم وصفه لي بكل تأكيد عندما تدخل سوف تجد سرير مصنوع من سعف النخيل في ركن الحانوت فصعد من خلاله إلي أعلي الحانوت ولكن من النظرة الاولي لذلك السرير المصنوع من سعف النخيل في ركن الحانوت لم يعجبني لقد وجدته بالي متناثرة اشلائه يمنة ويسار لا يستطيع أن يقلني فنظرت يمنة ويسار فوجت سرير من لوح خشبي محمل على اربعة احجار صلب البنية مطلي باللون البني الذي عادة ما تطلي به الاخشاب المصنعة على شاكلته فجلست عليه وما هي إلا لحظات ووجت من كانت تصف لي المكان في القبو قبل الانتشار تجلس بجانبي وتحادثني فماذا قالت لي؟ 

تبسمت وإماءة لي بانها تلك هي البداية لا النهاية وتلك الطريق المنشود والصراع المحتوم والبوابات المرصودة وطهور الماء والسوق المنصوبة والرزق الذي أكلت منه على يد احدهم إلا تمهيد لذلك اللقاء بيننا على ذلك السرير الخشبي لكمل دورة الحياة من جديد فوجدتني دون أن اشعر اعاشرها معاشرة الازواج لتبدئ الحياة من جديد.  

 

                           " انتهت "

بقلم الكاتب والروائي والشاعر

احمد عزيز الدين احمد 

 
5.9K
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس