قوة الإيحاء والحيل الخداعية

قوة الايحاء والحيل الخداعية

مقدمة

لقد شاهدت فيلم "تايتنيك " مرارا وتكرارا حتي انك تكاد ان تكون تحفظه عن ظهر قلب .

اتتذكر مشهد غرق السفينة ؟ ما الذي تتذكره منه ؟

الاجابة حتما هي محاولات "روز" لانقاذ "جاك" وموت جاك بالنهاية !

اتتذكر شيئا اخر !!

حتما تتذكر العازفين الذين كانوا يعزفون ببرود في هذا المشهد المشحون !

هذا هو الايحاء ياعزيزي جعلك تركز علي شئ واحد ويحبس انفاسك واصرف نظرك عن باقي الجوانب اعتقد انك لم تتذكر الرجل القعيد ، المرأة المسنه ، الام واطفالها الصغار ، الطفل الرضيع ،أو حتي الخدم والفقراء الذين كانوا بالطابق السفلي ، بل انك لم تلحظهم اساسا لان كل تركيزك كان موجه لما وجهك اليه مخرج العمل فقط .

حتي العازفين ببرودهم كان يخدم فكرة انفعالك لبطلي الفيلم لان نقيد الشئ يؤكده .

اذاً ما هو الايحاء ؟!

هو تمرير فكرة ما للسيطرة عليك او توجيه فكرك نحو شئ ما وصرفه عن شئ اخر او جعلك تعتقد وتتبني فكر او شئ لا تقبله فطرتك او مشاعرك فهو عبارة عن تسلل خفي لافكار موجهة اليك باحترافية لاحكام السيطرة عليك فهو يشبه التنويم المغناطيسي .

ولكن كيف يحدث ذلك ؟!

غالبا هناك اوقات لا يعمل فيها عقلك الواعي بكامل قوته ليسهل تمريرها لعقلك الباطن ليتبناها دون ادراك صحتها من عدمه .

الاوقات المناسبة لاستخدام الايحاء :

• في حالات الاسترخاء والنعاس قبل النوم او فور الاستيقاظ او حتي بعد جلسة مساج مثلا .

• لحظات الانفعال فرحا او حزنا او غضبا او اثارة كمشاهدة مباراة او فيلم رعب .

• لحظات الاحباط والاكتئاب .

• فترات الاحتياج الشديد سواء الاحتياج العاطفي او المادي.

• عند تمكن مشاعر سلبية منك تجاه شخص او شئ .

كلها اوقات مناسبة لتمرير افكار من يريد السيطرة عليك ويسهل عليك تقبلها وهذا بالضبط ما يفعله الاشخاص السامة والمؤذية بحياتك فكل فكر سلبي اعتقدته عن نفسك ويعطل مسيرة حياتك كان نتاج لتمرير افكار سامة في وقت لم يكن عقلك الواعي يعمل بكامل كفاءته .

أمثلة لذلك :

• تاتي فرحا لانجاز ما وهنا انت منفعل جدا فيقال لك "اول مرة تعمل حاجة عدلة" او "عادي يعني ما كل الناس بتعمل كدا " او يتم مقارنتك بشخص اخر هنا وانت في هذه الحالة عقلك اللاواعي مستعد تماما لاستقبال هذا الرأي ليؤكد لك انك لست بكفاية ولست بكفء .

• تأتي باكيا متألما من امر ما فيقال لك "اكيد انت غلطان عشان كدا حصلك كدا " او انت مكبر الموضوع ومنفعل بزيادة الامر لا يستحق " ليؤكد لك عقلك ان مشاعرك ليست مهمة او انك تستحق الاذي .

• او تمرير عبارات "لا احد يحبك مثلي " او هذا العالم غير امن انا اخشي عليك منه " او انت لا تعرف كيف تتصرف بمفردك حتما ستفشل " 

وغيرها من العبارات السامة التي يمررها اليك الاشخاص المؤذية لاقناعك بانك بواقي انسان لا يحق لك ان تشعر او تعبر عن مشاعرك حتي يضمن بقائك او يستطيع السيطرة عليك او يبعد نظرك عنه فلا تستطيع ان تري ما به من عوار واضطرابات وضعف .

انت تحت تأثير الإيحاء في حياتك ايضا

ولكن انت تعلم انك لست تخضع لهذا التنويم في حياتك الشخصية فقط بل انت يوميا تتعرض لهذه الخدع البصرية والسمعية كوسيلة لهذا الايحاء فيجعلك تحب شيئا كنت تكرهه وتقبل فكرة كنت ترفضها وتنحصر رؤيتك علي شئ واحد وتترك باقي الامور .

امثلة لذلك :

• كم منا يحب المسلسلات التركي ويستمتع بمشاهدتها ! اتعلم عزيزي انها فخ ؟! اينعم فهي فخ للسيطرة الفكرية والعاطفية عليك سواء باشكال الحب المبالغ فيها وجعلك تتمناها لاستخدام مشاهد مصنوعة باحترافية او لانهم يتمتعون بنفس العادات وكلماتهم وثقافتهم قريبة مننا كما انهم من نفس الدين فيجعلك متقبلهم تشعر بالتعاطف معهم ، ثم يمررون لك ان فكرة العلاقات خارج اطار الزواج امرا عاديا وان شرب الخمر روتينا يوميا وان الاسر المفككة هذه هي نموذج الاسرة السعيدة وان هذه الملابس العارية امرا لطيفا ومقبولا لتري نفسك تتأثر بهم دون ان تشعر .

• القضايا العالمية مثلا يعمل الاعلام علي طمس بعض الحقائق وبروزة مايريدون ان تتاثر به ثم تكتشف ان هذا كان كذبا او ان الحقيقة ليست كاملة .

• جعلك تكره فصيل او عرق او فكر وتحب اخر لان الاعلام اظهر ذلك بشكل كيوت وجميل والاخر بشكل مؤذي ومؤلم فانطبع هذا التصور بداخلك.

• كما يفعل الساحر او المهرج بالسيرك يلفت نظرك لشئ ياخذ انتباهك ليقوم بحيله الخفية وبالرغم من اداراكك انه خدع غير حقيقية الا انك تنبهر وتتفاعل معها .

هذه ايضا طريقة الشيطان يتسلل لفكرك في اوقات لايعمل بها عقلك الواعي بكامل كفاءته ليبرز لك فكره ويوجهك لما يريد.

فانت كل يوم معرض ان يتم اللعب بافكارك وتوجيهك حيث يريد الاخرون لذا فانت مجبر ان تقاوم لتحافظ علي نفسك وهويتك تحافظ علي عقلك يعمل بكامل صحته لا يكون لعبة بيد احد يوجهها حيث يشاء .

خاتمة

لذا نهي الله تعالي في اكثر من موضع من الانفعال الشديد سواء فرحا او حزنا ، كما نهي عن التعصب لرأي او فكرة ، بالاضافة لنهييه عن كل الادمانات التي لا تجعل العقل يعمل بكفاءته .

فقد امرنا بالاعتدال في الحب والكره والفرح والحزن حتي لا يكون هلاكنا بسبب مشاعر لم نستطع ان نسيطر عليها فتمكنت هي مننا .