أخطر حديث في تاريخ الأمة العربية ,
وكيف أهملته الأمة ؟
أما الحديث فهو الحديث الصحيح والمتفق على صحته والمشهور جدا والمعروف بين كثير من أبناء هذه الأمة وهو حديث زينب بنت جحش زوج النبي () أنها قالت :
خرج رسول الله () يوما فزعا محمرا وجهه يقول ” لا إله إلا الله , ويل للعرب من شر قد إقترب . فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها – قالت فقلت : يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال ” نعم إذا كثر الخبث ” صحيح مسلم
وفي رواية أخرى : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه يقول : ( لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) . وعقد سفيان تسعين أو مائة ، قيل : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم ، إذا كثر الخبث ) الراوي: زينب بنت جحش المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7059 خلاصة الدرجة: [صحيح]
وهذا حديث خطير بل خطير جدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى بل أعتقد أنه أخطر حديث في تاريخ الأمة العربية منذ نشأتها حتى قبل أن تتحول إلى أمة إسلامية , لماذا ؟
لأن الويل في القرآن وفي السنة وفي الكتب المقدسة السابقة وفي الفطرة بل وحتى في كلام الناس الطبيعي لا يأتي إلا في إطار العقوبة والجزاء والتهديد والوعيد وفي أبسط وأدنى أحواله يأتي على سبيل التنبيه والتحذير , وكل هذه الدرجات لا تأتي إلا من أجل أمر مخيف مفزع , وخاصة أيضا أن حالة النبي وهيأته عند قوله هذا النص كانت تدل على أنه متأثر وخائف من هذه الكارثة والمصيبة ولذلك إحمر وجهه وظهر على وجهه الرعب والفزع وهذه الهيئة التي تسمى بلغة الجسد لا يستطيع الإنسان إفتعالها أو إيصال وجهه لهذه الدرجة من الإحمرار أو صبغ وجهه أو طلائه مثلا باللون الأحمر أو محاولة سبك دور تمثيلي يخالف ما في داخله وكل ذلك محال على النبي () ولأن هذه الهيئة والحالة ( على حد علمي ) لم تنقل عنه مطلقا في كل حياته وأحواله بل حتى وهو في حالات الحروب أو الغزوات التي خاضها والتي يكون فيها كل إنسان معرضا لفقد حياته وذهاب روحه ومغادرة دنياه ومع ذلك لم تحدث له هذه الحالة من الخوف والفزع وإحمرار الوجه فهذا يدل على أنه أمر يفوق الموت والقتل وذهاب الروح وترك الدنيا .
فلماذا إذن هذا الجو المشحون بالرعب ؟
لأن المحتوى الذي سيقوله هو أخطر وأشد رعبا وفزعا وربما لدخولها كل بيت وعدم خلو أي مكان منها خاصة في الوطن العربي والإسلامي وسيقاسى حرها وشرها كل إنسان فيها إما بطريقة خفية مستترة أو ظاهرة واضحة , ولأن هذا المحتوى جمع ثلاث أو أربع عقوبات هي الأخطر في تاريخ الأمة العربية وفي لغتها وفي عُرفها وفي فهمها وهي الويل والشر ( والضرر ) والخبث وما قد يستتبع ذلك من اللعنات والويلات والإحتراق والتفحم والشنق والصعق سابقا وحاضرا ومستقبلا وحياة وربما بعد الموت , أي أننا كلنا آباءنا وأجدادنا وكل أجيالنا السابقة منذ مئات السنين قد دخل عليهم من حر هذا الويل وشَرِه , وكنا وكانوا ومازلنا وللأسف بداخل إطاره وبوتقته وشرنقته من حيث لم نعلم ولم يعلموا ولم ينتبهوا ولم يهتدوا لسببه مما يستدعي منا الشفقة عليهم وطلب الغفران لهم – غفر الله لهم – ويستدعي كذلك أن نشفق نحن على أنفسنا ونطلب الغفران لها _ فتخيل عقوبات تكلم عنها واحد من كبار الأنبياء ليس حاكما أو قاضيا أو قائدا أو والدا مثلا يريد تربية أبنائه أو شخصا عاديا وجمع فيه كل هذه العقوبات والتهديدات ربما ليحكي واقعا أو يحذر منه أو يوضحه أو يشير إليه وبالطبع بلا ظلم لهم أو تجني عليهم بل من المؤكد أنه كان بسبب جناية أرتكبوها وخطيئة فعلوها , ألا يستدعي ذلك التوقف والإنتباه ؟ .
وأنا أعجب كيف مر على الأمة العربية وكيف مر على مفكريها وعلمائها ولم يوضح لنا أحدا منهم خطره أو مغزاه ولم ينتبه إليه أحد وكيف خدعهم وصرفهم الشيطان عن تتبع أخطاره وهو حديث قد وصل لحد المعرفة والإشتهار من أن كثيرا من هذه الأمة يعرفه أو مر على مسامعه أو إلتقطته أذناه , كيف مر هذا الأمر والتهديد والوعيد وكل هذه العقوبات الشديدة بل وحالة النبي الشخصية وفزعه وإحمرار وجهه عندما قاله على كل هؤلاء العلماء والفقهاء والأفذاذ والأعلام مسلمين كانوا أو مسيحيين أو يهود على مدار عقود وقرون من الزمن بكل جامعاتهم المنتشرة ومراكزهم البحثية والثقافية ومؤسساتهم الدينية بل وحتى المستشرقين والمستغربين مع أن عليه مدار حياتنا وحياتهم وموتنا وموتهم كذلك , والعجيب أيضا أن مع كل ما يشمله من كثرة تهديدات وعقوبات لم تأتي مجتمعة إلا في هذا النص لم يتطرق إليه أحد أو يبحث فيه إنسان مع جمعه لكل هذا العدد من العقوبات المهولة والمخيفة والمفزعة للدرجة التي قد تصبح معها كل أعمال العرب الصالحة هباءا منثورا حابطة زائلة لا قيمة لها لأن كل عمل خير أو عمل صالح وضعته في مقابل الويل أو الشر أو الخبث الذي في الحديث فأنت أمام أمرين لا ثالث لهما , أولهما أن يستوعب عمل الخير هذا الويل والشر والخبث المذكور في الحديث , أو أن يكون الويل والشر والخبث بمقدار القوة التي قد تكون سببا في إحباط هذا الخير , ومن المعروف مثلا من شروط قبول العبادة التي يرضاها رب العالمين أن تكون خالية من النجاسة حسا ومعنى ولا بد من تطهير البقعة التي يقوم فيها الإنسان بالعبادة وكذلك ثيابه وملابسه وأن يتطهر هو نفسه من الخبث والنجاسة.
ويعجب الإنسان لماذا هذا الويل للعرب مع أن العرب هم أهل كتاب سماوي وهو القرآن الذي نزل بلغتهم وهم حاضنته ورعاته , ولماذا خصهم به مع أن المفترض أن هذا الويل يكون للكفار أو للمشركين أو لأصحاب الكبائر والذنوب العظيمة أو الذين أنكروا وجوده مثلا أو إزدادت مساوءهم وأخطاءهم وتجاوزاتهم في حقه سبحانه وتعالى , وغالبية العرب ولله الحمد معترفون بوجود ربهم ومؤمنون به بل وأكثرهم يحبونه ويجلونه بطرق مختلفة ومتعددة وإن كانوا كباقي البشر لهم بعض الهفوات والزلات والمعاصي .
كلمات خطيرة
والعجيب أو الملفت للنظر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه الكلمات الخطيرة التي جاءت في هذا النص والتي عليها مدار الخوف مثل كلمة الويل وكذلك الشر وكذلك الخبث كألفاظ كلها مبهمة غير محددة المعنى ولا واضحة المقصد وتحتاج إلى كبير عمل وبحث ودراسة , وفي آخر الحديث كلمة خطيرة أيضا عليها مدار الأمر والتهديد وهي كلمة " الخبث " وهي أيضا كلمة مجملة تحتاج هي الأخرى إلى شرح وتفصيل وتوضيح وبحث عن تفصيلات وتفريعات هذا الخبث ومداه .
معاني الويل
ولنبدأ بأول هذه الكلمات وهي كلمة " الويل " ومن المعروف أن تفسيرات كلمة الويل وحدها تشمل معاني كثيرة ومتعددة وكلها معاني مخيفة ومرعبة فمنها أنه الهلاك والعذاب الشديد , ومنها أنه سائل أو سوائل تسيل من صديد المعذبين من أهل جهنم , ومنها أنه واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لإنماعت (أي لذابت وإضمحلت ) من حره ولهيبه , ومنها أن جهنم نفسها تستعيذ من شدة حره وقوة لهيبه , ومنها معان أخرى , فكيف يا من لا تستطيع إحتمال لسعة من عود ثقاب في الدنيا أن تتحمل واد كهذا ؟ .
ولنأتي إلى الكلمة الثانية وهي الشر , ولماذ إقترب ؟
الشر هو : سب الله ()
سب الله () وإهانة ذاته العليا , نعم سب الذات العليا وإهانة جنابه العظيم وليس هو سب الدين ولا سب الرسول ولا سب القرآن أو حرقه ولا سب الإنجيل أوالتوراة أو أي كتاب سماوي أو حرقه أو سب ملك أو نبي أو إنسي أو جني بل سب رب العالمين وسب خالق المخلوقات ورافع السماوات ومسكن الحركات ومحرك الساكنات .
أليس هذا التهديد وهذه العقوبات المخيفة والمفزعة تستحق الإنتباه والبحث ؟
ويأتي هنا سؤال آخر , أليس هذا التهديد والوعيد قد تترتب عليه أخطار دنيوية خطيرة لو تدبرها الإنسان العربي وتفكر فيها لعلم أن فيها عقوبات خطيرة تشمل كل أفراد الأمة التي ينبغي عليها أن تتفكر في أضرارها وتقرنها بالنصوص الأخرى التي تحمل تهديدات وتنظر كذلك هل نستطيع إسقاطه عليها , فهل من الممكن مثلا إسقاطه وربطه بالآية الكريمة التي تقول " ثم رددنا أسفل سافلين " فهل من الممكن مثلا أن تكون سببا في إستبدال الأمة العربية ؟ أو هل تكون سببا مثلا في غضب الرب عليها ؟ , أو هل تكون هي سبب الكوارث التي تحدث في المنطقة العربية ومحيطها ودولها من زلازل وحروب ومجاعات ؟ أو هل تكون هي سبب الفرقة بينهم أو الشقاق أو الشقاء الذي يتعرض له أهلها ؟ , كل هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات شافية واضحة مؤيدة بنصوص مقدسة أيضا أو مجمع عليها من أهل العلم وأهل الحل والعقد لكي تكون مريحة منقذة لكل إنسان عربي .
ولعل ذلك يبين لماذا قال الله عن المشركين أنهم " نجس " ولا ينبغي لأحد منهم أن يقترب من بيته أو الدخول إليه لأي سبب كان وينبغي أن يتم منعهم من ذلك مع أنه خالقهم ومن أبدع صورهم وألسنتهم وأعضاءهم ,
هذا هو سبب كونه أهم وأخطر حديث في تاريخ الأمة العربية والإسلامية
مجال للتسابق والبحث
وأنا أفتح المجال لكل باحث ودارس وعالم شريعة أو عالم لغوي بل لكل راشد وعاقل للبحث عن ذلك الشر وليؤكد ما توصلت إليه أو يمفيه ويظهر لنا شرا جديدا لا نعلمه ويخرج بأقرب النتائج للصحة وينشر ذلك في كل الوطن العربي والإسلامي , وأرجو وأدعوا كل الجامعات والمؤسسات التعليمية بل والمهنية والجهات المختصة بأن تجند أبناءها تجنيدا حقيقيا بمعنى الكلمة للبحث عن هذا الشر وإعلانه للناس وإغلاق الأمة أبوابها والإنغلاق على أنفسها وإنفاق كل ما تستطيع إنفاقه من أموالها وكنوزها وثرواتها وتعطيها لمن يريد وأن تنثرها تحت أقدامه من أبنائها بل وأن تستدعي من الأمم الأخرى التي قد تستطيع وتود مساعدتها وإخراجها من هذا الخطر الماحق حتى تستخرج هذا الشر الذي هو سبب الويل لأن هذا علم لا ينبغي كتمه لمن علمه وعرفه ولا ينبغي أن يدخل تحت مفاوضات أو مساومات من أي طرف لأن كتمانه قد يؤدي بهذا الكاتم للدخول في اللعنة لأنه سيحمل كل أوزار الأمة مجتمعة , وكلنا رابحون إن تم إكتشاف هذا الشر وخاسرون وباقون في الويل إن لم يتم إكتشافه أو إكتُشف إكتشاف آخر غير المراد في الحديث .
وكيف لأمة تضحك أو تلعب وهي داخل هذا الويل ؟ وهذا وللأسف هو حال الأمة التي تُكثر الكلام وفيها كثير من الببغاوات والرويبضات الذين يتصدرون المجالس والشاشات مع أن أمتهم أصبحت ملطشة لكل من هب ودب بكل دولها وأفرادها إلا القليل القليل وكأنه تطبيق للآية الكريمة " ومن يُهن الله فما له من مُكرم " فهل بالفعل تنطبق عليها ؟.