كتاب القدس

كن كاتبا

ابدأ الان بكتابة المحتوى على منصة كتاب القدس

هل يمكن أن أكون أخصائية طفلي؟

هل يمكن أن أكون أخصائية طفلي؟

السؤال الذي يراود كل أم، أو الفكرة التي تطرأ على ذهن أي أم.. لماذا لا أكون أنا أخصائية طفلي؟ سأبذل جهدي وسأعمل معه مثل ما يفعل المختص، سأشاهد فيديوهات على اليوتيوب، بل وسأحصل على البروتوكولات العلاجية التي يستخدمها المختص بطريقة ما وسأطبقها على ابني، سأكون اخصائية طفلي. 

أم ذكرت أن لطفلها أعراض طيف التوحد، والطبيبة تقول أن التشخيص يتطلب حصص عديدة وطويلة، وبالتالي لجأت الأم لبعض الطرق العلاجية في اليوتيوب لعلاج طيف التوحد بدون تشخيص، وبدات العلاج في المنزل بنفسها بقولها لا داعي للتشخيص فلديها بعض أعراض طيف التوحد لكنها لم تتأكد من ذلك. 

وأحيانا ما نجد الأولياء يشتكون؛ لماذا طفلي لا يتكلم؟ وهو منذ أشهر يزاول الحصص العلاجية مع المختص الارطوفوني؟ ونجد من يقول أنه لا يوجد أي تقدم في حالة طفلي. 

إتباع الحمية الغذائية لطفلي الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد سيشفيه، لأنني وجدت أماً قامت بالحمية لطفلها وتحسن كثيرا. 

وهناك إمرأة تقول أنها عالجت اضطراب طيف التوحد وشفي الطفل نهائيا يجب أن أزورها. 

المكملات الغذائية ستعيد النطق لطفلي لا داعي للمختص الارطوفوني وسأعطي لطفلي هذه الاغذية وسيتكلم. 

كل هذه الأفكار والمقولات نابعة من عدة أمهات وآباء، ولأسباب ما صدقوها لكن دائما ما يخطئون، لذلك سأشرح كل هذه النقاط على حدة وأوضح لكم أين الصحيح وأين الخطأ في كل منها. 

1. تمثيل دور المختص الأرطوفوني في البيت: 

من الصعب جدا تمثيل دور المختص الارطوفوالطفأن المختص مؤهل ومبرمج على التكفل بكل الاضطرابات وكذا مدرب عليها،  أي كل خطوه يقوم بها المختص تكون مدروسة دراسة دقيقة جدا، وعلى أهداف محددة يرمي للوصول إليها مع الطفل. 

2. مشاهدة الفيديوهات: 

ربما تكون مساعدة في العمل مع الطفل، لكن هذا لا يسوغ التخلي عن جلسات المختص الارطوفوني والتقيد بما هو مذكور في الفيديو، والسبب انه كل حالة مستقلة بنفسها ويصعب تعميمها، نجد منها فائدة في بعض الأعراض فقط وبعض السلوكيات في البيت لكنها لن تعالج الاضطراب كاملا، فالمختص الارطوفوني يكون متابع لحالة طفلك ويقوم بعمل برنامج مخصص له فقط، والاطفال الآخرين أيضا كل له برنامج خاص به مراعٍ لنوع الاضطراب، درجته وكذا الاعراض التي تميزه. 

3. تطبيق بروتوكولات علاجية واختبارات متخصصة بشكل عشوائي:

من الخطأ الفادح الذي قام به العديد من الأولياء الحصول على بروتوكولات علاجية واختبارات متخصصة تخص المختص الارطوفوني ويقومون بتطبيقها على أطفالهم، وهذا من أخطر ما يمكن لشخص ما القيام به، فهذه البروتوكولات صعبة التطبيق وتحتوي على مصطلحات صعبة، إضافة إلى طريقة التطبيق ليس كما يظن الولي فهي تتم على خطوات جد مدروسة وتتم بمعايير محددة، إضافة إلى الاختبارات التي حتى المختص الارطوفوني يحتاج لدراسات مكثفة حتى يستطيع تطبيقها، وبالتالي أي خطأ من الجانب التطبيقي يزيد من الاضطراب حدة والنتيجة تكون سلبية، إضافة إلى بعض الأمهات ياخذن برنامجًا ما لعلاج اضطراب طيف التوحد مثلاً برنامج اندلسية أو برنامج تيتش وغيرهما؛ لا أقول أنه برنامج لا فائدة منه وإنما يبقى الإعتماد عليه وحده لن يعالج اضطراب طيف التوحد بل ربما سيقوم بمعالجة بعض الاعراض ويقع الأولياء في حيرة شديدة ماذا سيفعلون حيال الأعراض الأخرى وبالتالي حيال كل الاضطراب، وهنا أكرر أن دور المختص مهم جدا فهو يدرك كل الخطوات التي يجب أن يقوم بها حيال كل الإضطراب. 

4. الاستغناء عن التشخيص: 

ذكرت موضوع الأم التي عندما علمت أن التشخيص يتطلب وقت وجهد استغنت عنه وجزمت أن البنت لديها اضطراب طيف التوحد استنادا إلى بعض الأعراض الظاهرة لديها، وهذا أعتبره من أسوء الأخطاء التي يرتكبها الأولياء، فالتشخيص الصحيح يعادل العلاج الصحيح، وغياب التشخيص علاج إما لا فائدة منه أو يدهور حالة البنت أو ربما يظهر لديها اضطراب جديد أو مشكل سلوكي لطالما كانوا في غنى عنه، وبالتالي مهما كانت المدة المستغرقة في التشخيص هذا دليل على أن المختص يمشي في مسار صحيح، وبالتالي العمل بمصداقية إضافة إلى معرفة المشكل الحقيقي في الطفل، فوجود بعض اعراض طيف التوحد ليس بالضرورة أنه مصاب به، وبالتالي بناء بروتوكول علاجي ذو مصداقية جيدة. 

5. أغلب الأمهات تشتكي حول موضوع تقدم حالة الطفل وتحسنه: 

يجدون انها بطيئه او ربما لا يتحسن وهذا لان المختص لا يملك عصى سحريه ممكن ان يكون هذا راجع الى اسباب

أولا: وجود خلل في التشخيص فهذه مهمة المختص دون تدخل الأولياء، هنا يعيد المختص النظر في التشخيص والتأكد من النتائج السابقة. 

ثانيا: وجود خلل في البروتوكول العلاجي، وهذا أيضا سيهتم به المختص الأرطوفوني ومن النادر جدا حدوث مثل هذه الحالات. 

ثالثا: وجود خلل في العمل في البيت، فمن الضروري على الأم أن تعمل مع ابنها في البيت، لكن إن لم تفعل ذلك سيتأخر التحسن ومسار العلاج يصبح بطيء، فبنسبة كبيرة جدا يكون هذا هو السبب الرئيسي للتأخر، والاعتماد على المختص الارطوفوني فقط لن يجدي نفعا. 

رابعا: كثرة الغيابات عن مواعيد جلسات المختص الارطوفوني، فهذا أيضا عامل سيء يؤدي إلى تدهور حالة الطفل والعودة للوراء وضياع كل جهد المختص. 

خامسا: تدخل العامل النفسي؛ فربما بسبب مشاكل عائلية أو سلوكات غير سوية تحدث أمام الطفل، أو في البيئة التي يعيش فيها، أي من الضروري تحسين البيئة المحيطة بالطفل قدر المستطاع. 

6. إتباع الحميات الغذائية بشكل عشوائي:

من الخطأ إتباع حمية غذائية للطفل، دون استشارة الطبيب المختص في الأمراض العقلية للاطفال أو الطبيب المختص في طب الأعصاب، ليس شرط طفل يعاني من طيف التوحد، وهذا لأن الخصائص الجسمية تختلف من طفل لآخر، لأنه أغلب هذه الحميات هي التي تكون خالية من الجلوتين والكازيين وإن تم تطبيقها عشوائيا يمكن أن يحدث سوء غذائي ومشاكل؛ كون الطفل يكون بحاجة لهذه المكونات أي أنه ليس كل الأطفال يليق بهم هذا النوع من الحميات، وبالتالي دون قرار الطبيب لا يجب اللجوء لمثل هذه الخطوات. 

7. العلاجات البديلة: 

لا ننكر أبدا ان هناك طرق علاجية بديلة لها منفعة للناس، وظهرت منها نتائج جيدة، لكن ليس كل ممارس للطب البديل يعتبر طبيباً ومختصاً في ذلك، لأن الدجالين ومحبي الكسب السريع غالبا ما يستغلون حالات هذه الفئات من الأطفال واستغلال خوف الأولياء على أطفالهم ورغبتهم في نيل الشفاء، لذلك يرجى التأكد من كل خطوة تقوم بها أيها الولي، فكل من يقول أنه شفي طفل ذو طيف التوحد على يده هو دجال لأن العلاج لحد الآن مجرد نظريات إضافة أنه لم يتوصل العلماء والأطباء إلى العلاج الملموس لهذه الحالات، وكل من يسمي طيف التوحد بمرض فهو غير مدرك لمعنى هذا الاضطراب وليس على علم بخبايا هذا المجال، لان طيف التوحد ليس مرض بل هو اضطراب والسبب عدم توصل العلماء للمنطقة المصابة للطفل تحديدا، وكل من يقدم أعشاب وخلطات وغير ذلك ويقول أنها تعيد النطق والكلام للطفل فهو دجال لأن تعليم النطق واللغة ليس بالادوية بل هي وظيفية وتدريبية. 

يمكن مساعدة الطفل بالاغذية التي تغذي الدماغ، من أهمها السمك الذي يحتوي على الاوميغا 3، الجوز، اليقطين، والاغذية العضوية الطبيعية والغير معلبة، ستفيد الطفل جسميا وعقليا. 

ممارسة الرياضة مهمه جدا لمساعدة الطفل في تصحيح عملية التنفس وعمل الرئتين والقلب، وتقوية عملية امتصاص الغذاء وتحسن مسارات الدم وتصفيتها وتنظيم الدورة الدموية في الجسم، وكل هذا يؤدي إلى نتائج جسمية جيدة لطفلك، أما الجانب المعرفي واللغوي يسهل فيما بعد التدريب عليه بفضل السلامة الجسمية للطفل، وتبقى اللغة تعليمها وظيفي وليس بالادوية. 

حضرت هذا المقال استنادا الى أفكار وتصرفات العديد من الآباء والأمهات، وتكون ذات عواقب وخيمة، وفي كل مرة أجد مثل هذه الإعتقادات سأحاول فتح موضوع حولها حتى ينتبه الأولياء جيدا في حالات أطفالهم، فكل هذه الاعتقادات التقيت بها في الميدان مع سنوات ممارستي لتخصصي الأرطوفونيا (علم اللغة والنطق والتخاطب)، لذا اتمنى من كل من يقرأ هذه الأسطر ان يدرك أهمية كل ما هو مكتوب من أجل سلامة طفله مع تمنياتي بأن يكون المقال ذا فائدة والنصائح تنفع حالات اطفالكم. 

من اعداد : نسمة يحي شريف 

مختصة أرطوفونية تخصص أمراض اللغة والتواصل. 

ممارسة في الميدان منذ 4 سنوات وكاتبة مقالات في الميدان. 

16.4K
او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
كتاب القدس

هذا المحتوى ملك للمسؤول
alqudsbook.com موقع

© alqudsbook.com. كل الحقوق تعود الى كتاب القدس. صمم ل كتاب القدس